فصل: تفسير الآية رقم (237)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الطبري المسمى بـ «جامع البيان في تأويل آي القرآن» ***


تفسير الآية رقم ‏[‏236‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ‏:‏ “وَمَتِّعُوهُنَّ“، وَأَعْطُوهُنَّ مَا يَتَمَتَّعْنَ بِهِ مِنْ أَمْوَالِكُمْ، عَلَى أَقْدَارِكُمْ وَمَنَازِلِكُمْ مِنَ الْغِنَى وَالْإِقْتَارِ‏.‏

ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَبْلَغِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ الرِّجَالَ مِنْ ذَلِكَ‏.‏

فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ أَعْلَاهُ الْخَادِمُ، وَدُونَ ذَلِكَ الْوَرِقُ، وَدُونَهُ الْكُسْوَةُ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ مُتْعَةُ الطَّلَاقِ أَعْلَاهُ الْخَادِمُ، وَدُونَ ذَلِكَ الْوَرِقُ، وَدُونَ ذَلِكَ الْكُسْوَةُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِنَحْوِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ‏}‏، قُلْتُ لَهُ‏:‏ مَا أَوْسَطُ مُتْعَةِ الْمُطَلَّقَةِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ خِمَارُهَا وَدِرْعُهَا وَجِلْبَابُهَا وَمِلْحَفَتُهَا‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أبُو صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ‏}‏، فَهَذَا الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْكِحَهَا، فَأَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يُمَتِّعَهَا عَلَى قَدْرِ عُسْرِهِ وَيُسْرِهِ‏.‏ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا مَتَّعَهَا بِخَادِمٍ أَوْ شِبْهِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا مَتَّعَهَا بِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قُدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ‏}‏، قَالَ‏:‏ قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ‏:‏ مَا وَسَطُ ذَلِكَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ كُسْوَتُهَا فِي بَيْتِهَا، وَدِرْعُهَا وَخِمَارُهَا وَمِلْحَفَتُهَا وَجِلْبَابُهَا‏.‏

قَالَ الشَّعْبِيُّ‏:‏ فَكَانَ شُرَيْحٌ يُمَتِّعُ بِخَمْسِمِائةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ عَامِرٍ‏:‏ أَنَّ شُرَيْحًا كَانَ يُمَتِّعُ بِخَمْسِمِائَةٍ، قُلْتُ لِعَامِرٍ‏:‏ مَا وَسَطُ ذَلِكَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ثِيَابُهَا فِي بَيْتِهَا، دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَمِلْحَفَةٌ وَجِلْبَابٌ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ وَسَطٌ مِنَ الْمُتْعَةِ ثِيَابُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا، دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَمِلْحَفَةٌ وَجِلْبَابٌ‏.‏

حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ‏:‏ أَنَّ شُرَيْحًا مَتَّعَ بِخَمْسِمِائَةٍ‏.‏ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ‏:‏ وَسَطٌ مِنَ الْمُتْعَةِ، دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَجِلْبَابٌ وَمِلْحَفَةٌ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمِ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُوَ الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَلَا يُسَمِّي لَهَا صَدَاقًا، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَلَهَا مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا صَدَاقَ لَهَا‏.‏ قَالَ‏:‏ أَدْنَى ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ، دِرْعٌ وَخِمَارٌ، وَجِلْبَابٌ وَإِزَارٌ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ‏}‏ حَتَّى بَلَغَ‏:‏ “حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ“، فَهَذَا فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَلَا يُسَمِّي لَهَا صَدَاقًا، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَلَهَا مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا فَرِيضَةَ لَهَا‏.‏ وَكَانَ يُقَالُ‏:‏ إِذَا كَانَ وَاجِدًا فَلَا بُدَّ مِنْ مِئْزَرٍ وَجِلْبَابٍ وَدِرْعٍ وَخِمَارٍ‏.‏

حَدَّثَنَا أبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ سُئِلَ عَامِرٌ‏:‏ بِكَمْ يُمَتِّعُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ عَلَى قَدْرِ مَالِهِ‏.‏

حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ عَبَدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ يُحَدِّثُ عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ‏:‏ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى جَارِيَةٍ سَوْدَاءَ، حَمَّمَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِأُمَّ أَبِي سَلَمَةَحِينَ طَلَّقَهَا‏.‏

قِيلَ لِشُعْبَةَ‏:‏ مَا “حَمَّمَهَا“‏؟‏ قَالَ‏.‏ مَتَّعَهَا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أُمِّهِ، بِنَحْوِهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ‏:‏ كَانَ يُمَتِّعُ بِالْخَادِمِ، أَوْ بِالنَّفَقَةِ أَوِ الْكُسْوَةِ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَمَتَّعَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ- أَحْسَبُهُ قَالَ‏:‏ بِعَشَرَةِ آلَافٍ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ‏:‏ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَمَتَّعَهَا بِالْخَادِمِ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ‏:‏ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي مُتْعَةِ الْمُطَلَّقَةِ‏:‏ أَعْلَاهُ الْخَادِمُ، وَأَدْنَاهُ الْكُسْوَةُ وَالنَّفَقَةُ‏.‏ وَيَرَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ ‏{‏عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ‏}‏‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ مَبْلَغُ ذَلِكَ- إِذَااخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ فِيهِفِي مِقْدَارِ الصَّدَاقِ- قَدْرُ نِصْفِ صَدَاقِ مِثْلِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ الْمَنْكُوحَةِ بِغَيْرِ صَدَاقٍ مُسَمَّى فِي عَقْدِهِ‏.‏ وَذَلِكَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍّ‏:‏ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ‏:‏ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ مِنْ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ الْمُطَلَّقَةِ عَلَى الرَّجُلِ عَلَى قَدْرِ عُسْرِهِ وَيُسْرِهِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ ‏{‏عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ‏}‏، لَا عَلَى قَدْرِ الْمَرْأَةِ‏.‏ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا لِلْمَرْأَةِ عَلَى قَدْرِ صَدَاقِ مِثْلِهَا إِلَى قَدْرِ نِصْفِهِ، لَمْ يَكُنْ لِقِيلِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ ‏{‏عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ‏}‏، مَعْنًى مَفْهُومٌ وَلَكَانَ الْكَلَامُ‏:‏ وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى قَدْرِهِنَّ وَقَدْرِ نِصْفِ صَدَاقِ أَمْثَالِهِنَّ‏.‏

وَفِي إِعْلَامِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ عِبَادَهُ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ الرَّجُلِ فِي عُسْرِهِ وَيُسْرِهِ، لَا عَلَى قَدْرِهَا وَقَدْرِ نِصْفِ صَدَاقِ مِثْلِهَا، مَا يُبَيِّنُ عَنْ صِحَّةِ مَا قُلْنَا، وَفَسَادِ مَا خَالَفَهُ‏.‏ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ يَكُونُ صَدَاقُ مِثْلِهَا الْمَالَ الْعَظِيمَ، وَالرَّجُلُ فِي حَالِ طَلَاقِهِ إِيَّاهَا مُقْتِرٌ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا، فَإِنْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ نِصْفِ صَدَاقِ مِثْلِهَا، أُلْزِمَ مَا يَعْجَزُ عَنْهُ بَعْضُ مَنْ قَدْ وُسِّعَ عَلَيْهِ، فَكَيْفَ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ‏؟‏ وَإِذَا فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ، كَانَ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ قَدْ تَعَدَّى حُكْمَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ ‏{‏عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ‏}‏- وَلَكِنَّ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ عُسْرِ الرَّجُلِ وَيُسْرِهِ، لَا يُجَاوَزُ بِذَلِكَ خَادِمٌ أَوْ قِيمَتُهَا، إِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُوَسَّعًا‏.‏ وَإِنْ كَانَ مُقْتِرًا، فَأَطَاقَ أَدْنَى مَا يَكُونُ كِسْوَةً لَهَا، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، قُضِيَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ‏.‏ وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ ذَلِكَ، فَعَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ‏.‏ وَذَلِكَ عَلَى قَدْرِ اجْتِهَادِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ عِنْدَ الْخُصُومَةِ إِلَيْهِ فِيهِ‏.‏

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ‏.‏ “ وَمَتِّعُوهُنَّ“، هَلْ هُوَ عَلَى الْوُجُوبِ، أَوْ عَلَى النَّدْبِ‏؟‏

فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ هُوَ عَلَى الْوُجُوبِ، يُقْضَى بِالْمُتْعَةِ فِي مَالِ الْمُطَلِّقِ، كَمَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِسَائِرِ الدُّيُونِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ‏.‏ وَقَالُوا‏:‏ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ، كَائِنَةٍ مَنْ كَانَتْ مِنْ نِسَائِهِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ‏:‏ كَانَ الْحَسَنُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ يَقُولَانِ‏:‏ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَتَاعٌ، دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَضَ لَهَا‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ‏:‏ أَنَّ الْحَسَنَ كَانَ يَقُولُ‏:‏ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَتَاعٌ، وَلِلَّتِي طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ‏:‏ ‏{‏وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ‏}‏ ‏[‏سُورَةُ الْبَقَرَةِ‏:‏ 241‏]‏، قَالَ‏:‏ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ‏:‏ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَتَاعٌ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ قَالَ‏:‏ كَانَ أَبُو الْعَالِيَةِ يَقُولُ‏:‏ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ‏.‏ وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ‏:‏ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا قُرَّةُ قَالَ‏:‏ سُئِلَ الْحَسَنُ، عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، وَقَدْ فَرَضَ لَهَا‏:‏ هَلْ لَهَا مَتَاعٌ‏؟‏ قَالَ الْحَسَنُ‏:‏ نَعَمْ وَاللَّهِ‏!‏ فَقِيلَ لِلسَّائِلِ وَهُوَ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ أَوَ مَا تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ‏}‏‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ وَاللَّهِ ‏!‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ الْمُتْعَةُ لِلْمُطَلَّقَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْمُطَلِّقِهَا وَاجِبَةٌ، وَلَكِنَّهَا وَاجِبَةٌ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ سِوَى الْمُطَلَّقَةِ الْمَفْرُوضِ لَهَا الصَّدَاقُ‏.‏ فَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ الْمَفْرُوضُ لَهَا الصَّدَاقُ إِذَا طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا، فَإِنَّهَا لَا مُتْعَةَ لَهَا، وَإِنَّمَا لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ الْمُسَمَّى‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ‏:‏ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ‏:‏ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ، إِلَّا الَّتِي طَلَّقَهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَقَدْ فَرَضَ لَهَا، فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَلَا مُتْعَةَ لَهَ‏.‏

حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِنَحْوِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ وَعَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ- فِي الَّذِي يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَقَدْ فَرَضَ لَهَا- أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَتَاعِ‏:‏ قَدْ كَانَ لَهَا الْمَتَاعُ فِي الْآيَةِ الَّتِي فِي “الْأَحْزَابِ“، فَلَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي “الْبَقَرَةِ“، جَعَلَ لَهَا النِّصْفَ مِنْ صَدَاقِهَا إِذَا سَمَّى، وَلَا مَتَاعَ لَهَا، وَإِذَا لَمْ يُسَمِّ فَلَهَا الْمَتَاعُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ وَعَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدٍ نَحْوَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ‏:‏ كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ‏:‏ إِذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا جَعَلَ لَهَا فِي “سُورَةِ الْأَحْزَابِ “ الْمَتَاعَ، ثُمَّ أُنْـزِلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي “سُورَةِ الْبَقَرَةِ“‏:‏ ‏{‏وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ‏}‏، فَنَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةَُ مَا كَانَ قَبْلَهَا، إِذَا كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَكَانَ قَدْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا، فَجَعَلَ لَهَا النِّصْفَ وَلَا مَتَاعَ لَهَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ‏:‏ نَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةَ‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ‏}‏ ‏[‏سُورَةُ الْأَحْزَابِ‏:‏ 49‏]‏ الْآيَةُ الَّتِي فِي “الْبَقَرَةِ“‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ وَابْنُ الْمُثَنَّى قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ‏:‏ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ، إِلَّا الَّتِي فَارَقَهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ- فِي الَّتِي يُفَارِقُهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، وَقَدْ فَرَضَ لَهَا، قَالَ‏:‏ لَيْسَ لَهَا مُتْعَةٌ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ‏:‏ إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَقَدْ فَرَضَ لَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَلَا مَتَاعَ لَهَا‏.‏ وَإِذَا لَمْ يَفْرِضْ لَهَا، فَإِنَّمَا لَهَا الْمَتَاعُ‏.‏

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ‏:‏ سُئِلَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ وَأَنَا أَسْمَعُ‏:‏ عَنِ الرَّجُلِ يَتَزَاوَجُ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، وَقَدْ فَرَضَ لَهَا، هَلْ لَهَا مَتَاعٌ‏؟‏ قَالَ‏:‏ كَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ‏:‏ لَا مَتَاعَ لَهَ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ- فِي الَّتِي فُرِضَ لَهَا وَلَمْ يُدْخَلْ بِهَا، قَالَ‏:‏ إِنْ طُلِّقَتْ، فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَا مُتْعَةَ لَهَ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ‏:‏ أَنَّ شُرَيْحًا كَانَ يَقُولُ-فِي الرَّجُلِ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، وَقَدْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا- قَالَ‏:‏ لَهَا فِي النِّصْفِ مَتَاعٌ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ‏:‏ لَهَا فِي النِّصْفِ مَتَاعٌ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ الْمُتْعَةُ حَقٌّ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ، غَيْرَ أَنَّ مِنْهَا مَا يُقْضَى بِهِ عَلَى الْمُطَلِّقِ، وَمِنْهَا مَا لَا يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ إِعْطَاؤُهُ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ‏:‏ مُتْعَتَانِ، إِحْدَاهُمَا يَقْضِي بِهَا السُّلْطَانُ، وَالْأُخْرَى حَقٌّ عَلَى الْمُتَّقِينَ‏:‏ مَنْ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ وَيَدْخُلَ، فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِالْمُتْعَةِ، فَإِنَّهُ لَا صَدَاقَ عَلَيْهِ‏.‏ وَمَنْ طَلَّقَ بَعْدَ مَا يَدْخُلُ أَوْ يَفْرِضُ، فَالْمُتْعَةُ حَقٌّ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أبُو صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ اللَّهُ‏:‏ ‏{‏لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ‏}‏، فَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَمَسَّهَا وَقَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا، فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ، يَفْرِضُ لَهَا السُّلْطَانُ بِقَدْرٍ، وَلَيْسَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ‏.‏ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ‏}‏، فَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَقَدْ فَرَضَ لَهَا وَلَمْ يَمْسَسْهَا، فَلَهَا نِصْفُ صَدَاقِهَا، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ مُتْعَتَانِ يَقْضِي بِإِحْدَاهُمَا السُّلْطَانُ، وَلَا يَقْضِى بِالْأُخْرَى‏:‏ فَالْمُتْعَةُ الَّتِي يَقْضِي بِهَا السُّلْطَانُ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ، وَالْمُتْعَةُ الَّتِي لَا يَقْضِي بِهَا السُّلْطَانُ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ لَا يَقْضِي الْحَاكِمُ وَلَا السُّلْطَانُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمُطَلِّقِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ نَدْبٌ وَإِرْشَادٌ إِلَى أَنْ تُمَتَّعَ الْمُطَلَّقَةُ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ‏:‏ أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَخَاصَمَتْهُ إِلَى شُرَيْحٍ، فَقَرَأَ الْآيَةَ‏:‏ ‏{‏وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ‏}‏ ‏[‏سُورَةُ الْبَقَرَةِ‏:‏ 241‏]‏، قَالَ‏:‏ إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُتَّقِينَ، فَعَلَيْكَ الْمُتْعَةُ‏.‏ وَلَمْ يَقْضِ لَهَا‏.‏ قَالَ شُعْبَةُ‏:‏ وَجَدْتُهُ مَكْتُوبًا عِنْدِي عَنْ أَبِي الضُّحَى‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ‏:‏ كَانَ شُرَيْحٌ يَقُولُ فِي مَتَاعِ الْمُطَلَّقَةِ، لَا تَأْبَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ، لَا تَأْبَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُتَّقِينَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ شُرَيْحًا قَالَ لِلَّذِي قَدْ دَخَلَ بِهَا‏:‏ إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُتَّقِينَ فَمَتِّعْ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَكَأَنَّ قَائِلِي هَذَا الْقَوْلِ ذَهَبُوا فِي تَرْكِهِمْ إِيجَابَ الْمُتْعَةِ فَرْضًا لِلْمُطَلَّقَاتِ، إِلَى أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ “حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ“، وَقَوْلَهُ‏:‏ “حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ“، دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً وُجُوبَ الْحُقُوقِ اللَّازِمَةِ الْأَمْوَالَ بِكُلِّ حَالٍ، لَمْ يُخْصَصِ الْمُتَّقُونَ وَالْمُحْسِنُونَ بِأَنَّهَا حَقُّ عَلَيْهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ، بَلْ كَانَ يَكُونُ ذَلِكَ مَعْمُومًا بِهِ كُلُّ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ‏.‏

وَأَمَّا مُوجِبُوهَا عَلَى كُلِّ أَحَدٍ سِوَى الْمُطَلَّقَةِ الْمَفْرُوضِ لَهَا الصَّدَاقُ، فَإِنَّهُمُ اعْتَلُّوا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ لَمَّا قَالَ‏:‏ ‏{‏وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ‏}‏، كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَتَاعًا سِوَى مَنِ اسْتَثْنَاهُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي كِتَابِهِ أَوْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏ فَلَمَّا قَالَ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ‏}‏، كَانَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عِنْدَهُمْ عَلَى أَنَّ حَقَّهَا النِّصْفُ مِمَّا فَرَضَ لَهَا، لِأَنَّ الْمُتْعَةَ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا عِنْدَهُمْ، لِغَيْرِ الْمَفْرُوضِ لَهَا‏.‏ فَكَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ بِخُصُوصِ اللَّهِ بِالْمُتْعَةِ غَيْرَ الْمَفْرُوضِ لَهَا، أَنَّ حُكْمَهَا غَيْرُ حُكْمِ الَّتِي لَمْ يَفْرِضْ لَهَا إِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ، فِيمَا لَهَا عَلَى الزَّوْجِ مِنَ الْحُقُوقِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي، قَوْلُ مَنْ قَالَ‏:‏ “لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ“، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَالَ‏:‏ ‏{‏وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ‏}‏، فَجَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ ذَلِكَ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ، وَلَمْ يَخْصُصْ مِنْهُنَّ بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ‏.‏ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ إِحَالَةُ ظَاهِرِ تَنْزِيلٍ عَامٍّ، إِلَى بَاطِنٍ خَاصٍّ، إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا‏.‏

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ خَصَّ الْمُطَلَّقَةَ قَبْلَ الْمَسِيسِ، إِذَا كَانَ مَفْرُوضًا لَهَا، بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ‏}‏، إِذْ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا غَيْرَ النِّصْفِ مِنَ الْفَرِيضَةِ‏؟‏

قِيلَ‏:‏ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِذَا دَلَّ عَلَى وُجُوبِ شَيْءٍ فِي بَعْضِ تَنْزِيلِهِ، فَفِي دَلَالَتِهِ عَلَى وُجُوبِهِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ، الْكِفَايَةُ عَنْ تَكْرِيرِهِ، حَتَّى يَدُلَّ عَلَى بُطُولِ فَرْضِهِ‏.‏ وَقَدْ دَلَّ بِقَوْلِهِ، ‏{‏وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ‏}‏، عَلَى وُجُوبِ الْمُتْعَةِ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ، فَلَا حَاجَةَ بِالْعِبَادِ إِلَى تَكْرِيرِ ذَلِكَ فِي كُلِّ آيَةٍ وَسُورَةٍ‏.‏ وَلَيْسَ فِي دَلَالَتِهِ عَلَى أَنَّ لِلْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الْمَسِيسِ الْمَفْرُوضِ لَهَا الصَّدَاقُ نِصْفَ مَا فَرَضَ لَهَا، دَلَالَةٌ عَلَى بُطُولِ الْمُتْعَةِ عَنْهُ‏.‏ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ فِي الْكَلَامِ لَوْ قِيلَ‏:‏ “وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ “ وَالْمُتْعَةُ‏.‏ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُحَالًا فِي الْكَلَامِ، كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ نِصْفَ الْفَرِيضَةِ إِذَا وَجَبَ لَهَا، لَمْ يَكُنْ فِي وُجُوبِهِ لَهَا نَفْيٌ عَنْ حَقِّهَا مِنَ الْمُتْعَةِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنِ اجْتِمَاعُهُمَا لِلْمُطَلَّقَةِ مُحَالًا‏.‏ وَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ دَلَّ عَلَى وُجُوبِ ذَلِكَ لَهَا، وَإِنْ كَانَتِ الدَّلَالَةُ عَلَى وُجُوبِ أَحَدِهِمَا فِي آيَةٍ غَيْرِ الْآيَةِ الَّتِي فِيهَا الدَّلَالَةُ عَلَى وُجُوبِ الْأُخْرَى ثَبَتَ وَصَحَّ وُجُوبُهُمَا لَهَا‏.‏

هَذَا، إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى أَنَّ لِلْمُطَلَّقَةِ الْمَفْرُوضِ لَهَا الصَّدَاقُ إِذَا طُلِّقَتْ قَبْلَ الْمَسِيسِ، دَلَالَةٌ غَيْرَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ “وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ“، فَكَيْفَ وفِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ ‏{‏لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ‏}‏، الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى أَنَّ الْمَفْرُوضَ لَهَا إِذَا طُلِّقَتْ قَبْلَ الْمَسِيسِ، لَهَا مِنَ الْمُتْعَةِ مِثْلُ الَّذِي لِغَيْرِ الْمَفْرُوضِ لَهَا مِنْهَا‏؟‏ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِمَا قَالَ‏:‏ ‏{‏لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً‏}‏، “ كَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ دَلَّ بِهِ عَلَى حُكْمِ طَلَاقِ صِنْفَيْنِ مِنْ طَلَاقِ النِّسَاءِ‏:‏ أَحَدُهُمَا الْمَفْرُوضُ لَهُ، وَالْآخَرُ غَيْرُ الْمَفْرُوضِ لَهُ‏.‏ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ‏:‏ “أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً“، عُلِمَ أَنَّ الصِّنْفَ الْآخَرَ هُوَ الْمَفْرُوضُ لَهُ، وَأَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ الْمَفْرُوضُ لَهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ‏.‏ لِأَنَّهُ قَالَ‏:‏ ‏{‏لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ‏}‏، “ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ “وَمَتِّعُوهُنَّ“، فَأَوْجَبَ الْمُتْعَةَ لِلصِّنْفَيْنِ مِنْهُنَّ جَمِيعًا، الْمَفْرُوضِ لَهُنَّ، وَغَيْرِ الْمَفْرُوضِ لَهُنَّ‏.‏ فَمَنِ ادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ لِأَحَدِ الصِّنْفَيْنِ، سُئِلَ الْبُرْهَانَ عَلَى دَعْوَاهُ مِنْ أَصْلٍ أَوْ نَظِيرٍ، ثُمَّ عُكِسَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ‏.‏ فَلَنْ يَقُولَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَرِ مِثْلُهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَأَرَى أَنَّ الْمُتْعَةَ لِلْمَرْأَةِ حَقٌّ وَاجِبٌ، إِذَا طُلِّقَتْ، عَلَى زَوْجِهَا الْمُطَلِّقِهَا، عَلَى مَا بَيَّنَّا آنِفًا- يُؤْخَذُ بِهَا الزَّوْجُ كَمَا يُؤْخَذُ بِصَدَاقِهَا، لَا يُبْرِئُهُ مِنْهَا إِلَّا أَدَاؤُهُ إِلَيْهَا أَوْ إِلَى مَنْ يَقُومُ مَقَامَهَا فِي قَبْضِهَا مِنْهُ، أَوْ بِبَرَاءَةٍ تَكُونُ مِنْهَا لَهُ‏.‏ وَأَرَى أَنَّ سَبِيلَهَا سَبِيلُ صَدَاقِهَا وَسَائِرُ دُيُونِهَا قِبَلَهُ، يُحْبَسُ بِهَا إِنْ طَلَّقَهَا فِيهَا، إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ ظَاهِرٌ يُبَاعُ عَلَيْهِ، إِذَا امْتَنَعَ مِنْ إِعْطَائِهَا ذَلِكَ‏.‏

وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَالَ‏:‏ “وَمَتِّعُوهُنَّ، “ فَأَمَرَ الرِّجَالَ أَنْ يُمَتِّعُوهُنَّ، وَأَمْرُهُ فُرْضٌ، إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّهُ عَنَى بِهِ النَّدْبَ وَالْإِرْشَادَ، لِمَا قَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابِنَا الْمُسَمَّى ‏[‏بِلَطِيفِ الْبَيَانِ عَنْ أُصُولِ الْأَحْكَامِ‏]‏، لِقَوْلِهِ‏:‏ “وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ“‏.‏ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ جَمِيعِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ‏:‏ وَلِلْمُطَلَّقَاتِ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ‏.‏ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَلَنْ يَبْرَأَ الزَّوْجُ مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ إِلَّا بِمَا وَصَفْنَا قَبْلُ، مِنْ أَدَاءٍ أَوْ إِبْرَاءٍ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا‏.‏

فَإِنْ ظَنَّ ذُو غَبَاءٍ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِذْ قَالَ‏:‏ “حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ “ و “حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ“، أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ، لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً لَكَانَتْ عَلَى الْمُحْسِنِ وَغَيْرِ الْمُحْسِنِ، وَالْمُتَّقِي وَغَيْرِ الْمُتَّقِي فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ أَمَرَ جَمِيعَ خَلْقِهِ بِأَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُحْسِنِينَ وَمِنَ الْمُتَّقِينَ، وَمَا وَجَبَ مِنْ حَقٍّ عَلَى أَهْلِ الْإِحْسَانِ وَالتُّقَى، فَهُوَ عَلَى غَيْرِهِمْ أَوْجَبُ، وَلَهُمْ أَلْزَمُ‏.‏

وَبَعْدُ، فَإِنَّ فِي إِجْمَاعِ الْحُجَّةِ عَلَى أَنَّالْمُتْعَةَ لِلْمُطَلَّقَةِغَيْرِ الْمَفْرُوضِ لَهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ وَاجِبَةٌ بِقَوْلِهِ‏:‏ “وَمَتِّعُوهُنَّ“، وُجُوبَ نِصْفِ الصَّدَاقِ لِلْمُطَلَّقَةِ الْمَفْرُوضِ لَهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِيمَا أَوْجَبَ لَهُمَا مِنْ ذَلِكَ، الدَّلِيلُ الْوَاضِحُ أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ وَاجِبٌ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ بِقَوْلِهِ‏:‏ “وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ“، وَإِنْ كَانَ قَالَ‏:‏ “حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ“‏.‏

وَمَنْ أَنْكَرَ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ، سُئِلَ عَنِ الْمُتْعَةِ لِلْمُطَلَّقَةِ غَيْرِ الْمَفْرُوضِ لَهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ‏.‏ فَإِنْ أَنْكَرَ وُجُوبَ ذَلِكَ خَرَجَ مِنْ قَوْلِ جَمِيعِ الْحُجَّةِ، وَنُوظِرَ مُنَاظَرَتِنَا الْمُنْكِرِينَ فِي عِشْرِينَ دِينَارًا زَكَاةً، وَالدَّافِعِينَ زَكَاةَ الْعُرُوضِ إِذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ‏.‏ فَإِنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ لَهَا، سُئِلَ الْفَرْقَ بَيْنَ وُجُوبِ ذَلِكَ لَهَا، وَالْوُجُوبِ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ، وَقَدْ شَرَطَ فِيمَا جَعَلَ لَهَا مِنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَى الْمُحْسِنِينَ، كَمَا شَرَطَ فِيمَا جَعَلَ لِلْآخَرِ بِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَى الْمُتَّقِينَ‏.‏ فَلَنْ يَقُولَ فِي أَحَدِهِمَا قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَرِ مِثْلُهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَأَجْمَعَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ غَيْرَ الْمَفْرُوضِ لَهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ، لَا شَيْءَ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا الْمُطَلِّقِهَا غَيْرُ الْمُتْعَةِ‏.‏

ذِكْرُ بَعْضِ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ‏:‏

حَدَّثَنَا أبُو كُرَيْبٍ وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا وَقَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا الْمَتَاعُ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ قَالَ‏:‏ قَالَ الْحَسَنُ‏:‏ إِنْ طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا، فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا الْمَتَاعُ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ‏:‏ إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا، فَإِنَّمَا لَهَا الْمَتَاعُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ‏:‏ إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا وَقَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا، فَلَيْسَ لَهَا عَلَيْهِ إِلَّا الْمَتَاعُ بِالْمَعْرُوفِ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً‏}‏ قَالَ‏:‏ لَيْسَ لَهَا صَدَاقٌ إِلَّا مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ بِنَحْوِهِ- إِلَّا أَنَّهُ قَالَ‏:‏ وَلَا مَتَاعَ إِلَّا بِالْمَعْرُوفِ‏.‏

حَدَّثَنِي مُوسَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ‏:‏ ‏{‏لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ‏}‏ إِلَى‏:‏ “وَمَتِّعُوهُنَّ “ قَالَ‏:‏ هَذَا الرَّجُلُ تُوهَبُ لَهُ فَيُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْمُتْعَةُ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ‏:‏ هُوَ الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَلَا يُسَمِّي لَهَا صَدَاقًا، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَلَهَا مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا فَرِيضَةَ لَهَا‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ مِثْلَهُ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ، ‏[‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ‏]‏، سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً‏}‏، هَذَا رَجُلٌ وُهِبَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ، فَطَلَّقَهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَمَسَّهَا، فَلَهَا الْمُتْعَةُ وَلَا فَرِيضَةَ لَهَا، وَلَيْسَتْ عَلَيْهَا عِدَّةٌ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَأَمَّا “الْمُوسِعُ“، فَهُوَ الَّذِي قَدْ صَارَ مِنْ عَيْشِهِ إِلَى سَعَةٍ وَغِنَى، يُقَالُ مِنْهُ‏:‏ “أَوْسَعَ فُلَانٌ فَهُوَ يُوسِعُ إِيسَاعًا وَهُوَ مُوسِعٌ“‏.‏

وَأَمَّا “الْمُقْتِرُ“، فَهُوَ الْمُقِلُّ مِنَ الْمَالِ، يُقَالُ‏:‏ “قَدْ أَقْتَرَ فَهُوَ يُقْتِرُ إِقْتَارًا، وَهُوَ مُقْتِرٌ“‏.‏

وَاخْتَلَفَ الْقَرَأَةُ فِي قِرَاءَةِ “الْقَدَرِ“‏.‏

فَقَرَأَهُ بَعْضُهُمْ‏:‏ “عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ“‏.‏ بِتَحْرِيكَ “الدَّالِ “ إِلَى الْفَتْحِ مِنَ “الْقَدَرِ“، تَوْجِيهًا مِنْهُمْ ذَلِكَ إِلَى الِاسْمِ مِنَ “التَّقْدِيرِ“، الَّذِي هُوَ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ‏:‏ “قَدَرَ فُلَانٌ هَذَا الْأَمْرَ“‏.‏

وَقَرَأَ آخَرُونَ بِتَسْكِينِ “الدَّالِ “ مِنْهُ، تَوْجِيهًا مِنْهُمْ ذَلِكَ إِلَى الْمَصْدَرِ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ‏.‏

وَمَـا صَـبَّ رِجْـلِي فِي حَدِيدِ مُجَاشِعٍ *** مَـعَ الْقَـدْرِ، إِلَّا حَاجَـةٌ لِـي أُرِيدُهَـا

وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا جَمِيعًا قِرَاءَتَانِ قَدْ جَاءَتْ بِهِمَا الْأُمَّةُ، وَلَا تُحِيلُ الْقِرَاءَةُ بِإِحْدَاهُمَا مَعْنًى فِي الْأُخْرَى، بَلْ هُمَا مُتَّفِقَتَا الْمَعْنَى‏.‏ فَبِأَيِّ- الْقِرَاءَتَيْنِ قَرَأَ الْقَارِئُ ذَلِكَ، فَهُوَ لِلصَّوَابِ مُصِيبٌ‏.‏

وَإِنَّمَا يَجُوزُ اخْتِيَارُ بَعْضِ الْقِرَاءَاتِ عَلَى بَعْضٍ لِبَيْنُونَةِ الْمُخْتَارَةِ عَلَى غَيْرِهَا بِزِيَادَةِ مَعْنَى أَوْجَبَتْ لَهَا الصِّحَّةَ دُونَ غَيْرِهَا‏.‏ وَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الْمَعَانِي فِي جَمِيعِهَا مُتَّفِقَةً، فَلَا وَجْهَ لِلْحُكْمِ لِبَعْضِهَا بِأَنَّهُ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَقْرُوءًا بِهِ مِنْ غَيْرِهِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ إِذًا‏:‏ لَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ، أَيُّهَا النَّاسُ، إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ مَا لَمْ تُمَاسُّوهُنَّ، وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مَا لَمْ تُمَاسُّوهُنَّ قَبْلَ أَنْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ، وَمَتِّعُوهُنَّ جَمِيعًا عَلَى ذِي السَّعَةِ وَالْغِنَى مِنْكُمْ مِنْ مَتَاعِهِنَّ حِينَئِذٍ بِقَدْرِ غِنَاهُ وَسَعَتِهِ، وَعَلَى ذِي الْإِقْتَارِ وَالْفَاقَةِ مِنْكُمْ مِنْهُ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ وَإِقْتَارِهِ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏236‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ‏}‏ ‏[‏236‏]‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ‏:‏ وَمَتِّعُوهُنَّ مَتَاعًا‏.‏ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ “مَتَاعًا “ مَنْصُوبًا قَطْعًا مِنْ “الْقَدْرِ“‏.‏ لِأَنَّ “الْمَتَاعَ “ نَكِرَةٌ، و “الْقَدْرَ “ مَعْرِفَةٌ‏.‏

وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ‏:‏ “بِالْمَعْرُوفِ“، بِمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ مِنْ إِعْطَائِكُمْ إِيَّاهُنَّ ذَلِكَ، بِغَيْرِ ظُلْمٍ، وَلَا مُدَافَعَةٍ مِنْكُمْ لَهُنَّ بِهِ‏.‏

وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ‏:‏ “حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ“، مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ الْحَقِّ عَلَى الْمُحْسِنِينَ‏.‏ فَلَمَّا دَلَّ إِدْخَالُ “الْأَلِفِ وَاللَّامِ “ عَلَى “الْحَقِّ“، وَهُوَ مِنْ نَعْتِ “الْمَعْرُوفِ“، و “الْمَعْرُوفُ “ مَعْرِفَةٌ، و “الْحَقُّ “ نَكِرَةٌ، نُصِبَ عَلَى الْقَطْعِ مِنْهُ، كَمَا يُقَالُ‏:‏ “أَتَانِي الرَّجُلُ رَاكِبًا“‏.‏

وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ مِنْ جُمْلَةِ الْكَلَامِ الَّذِي قَبْلَهُ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ‏:‏ “عَبْدُ اللَّهِ عَالِمٌ حَقًّا“، فَـ “الْحَقُّ “ مَنْصُوبٌ مِنْ نِيَّةِ كَلَامِ الْمُخْبِرِ، كَأَنَّهُ قَالَ‏:‏ أُخْبِرُكُمْ بِذَلِكَ حَقًّا‏.‏

وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ هُوَ وَجْهُ الْكَلَامِ، لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ‏:‏ فَمَتِّعُوهُنَّ مَتَاعًا بِمَعْرُوفِ حَقٍّ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُحْسِنًا‏.‏

وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ مَنْصُوبٌ بِمَعْنَى‏:‏ أُحِقُّ ذَلِكَ حَقًّا‏.‏ وَالَّذِي قَالَهُ مِنْ ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ التِّلَاوَةِ‏.‏ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ جَعَلَ الْمَتَاعَ لِلْمُطَلَّقَاتِ حَقًّا لَهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، فَزَعَمَ قَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ يُحِقُّ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُحْسِنِينَ‏.‏ فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذًا- إِذْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ-‏:‏ وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ، وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ الْوَاجِبِ عَلَى الْمُحْسِنِينَ‏.‏

وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ‏:‏ “الْمُحْسِنِينَ“، الَّذِينَ يُحْسِنُونَ إِلَى أَنْفُسِهِمْ فِي الْمُسَارَعَةِ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ فِيمَا أَلْزَمَهُمْ بِهِ، وَأَدَائِهِمْ مَا كَلَّفَهُمْ مِنْ فَرَائِضِهِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ إِنَّكَ قَدْ ذَكَرْتَ أَنَّ “الْجُنَاحَ “ هُوَ الْحَرَجُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ ‏{‏لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ‏}‏، فَهَلْ عَلَيْنَا مِنْ جُنَاحٍ لَوْ طَلَّقْنَاهُنَّ بَعْدَ الْمَسِيسِ، فَيُوضَعُ عَنَّا بِطَلَاقِنَا إِيَّاهُنَّ قَبْلَ الْمَسِيسِ‏؟‏ قِيلَ‏:‏ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ ‏(‏إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الذَّوَّاقِينَ وَلَا الذَّوَّاقَات‏)‏‏.‏

حَدَّثَنَا بِذَلِكَ ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ وَعَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ ‏(‏مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَلْعَبُونَ بِحُدُودِ اللَّهِ، يَقُولُونَ‏:‏ قَدْ طَلَّقْتُكِ، قَدْ رَاجَعْتُكِ، قَدْ طَلَّقْتُك‏)‏‏.‏

حَدَّثَنَا بِذَلِكَ ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ “الْجُنَاحُ“ الَّذِي وُضِعَ عَنِ النَّاسِ فِي طَلَاقِهِمْ نِسَاءَهُمْ قَبْلَ الْمَسِيسِ، هُوَ الَّذِي كَانَ يَلْحَقُهُمْ مِنْهُ بَعْدَ ذَوْقِهِمْ إِيَّاهُنَّ، كَمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وَقَدْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ‏:‏ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ‏:‏ “لَا جُنَاحَ“، لَا سَبِيلَ عَلَيْكُمْ لِلنِّسَاءِ- إِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ، وَلَمْ تَكُونُوا فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً-فِي إِتْبَاعِكُمْ بِصَدَاقٍ وَلَا نَفَقَةٍ‏.‏ وَذَلِكَ مَذْهَبٌ، لَوْلَا مَا قَدْ وَصَفْتُ مِنْ أَنَّ الْمَعْنِيَّ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ صِنْفَانِ مِنَ النِّسَاءِ‏:‏ أَحَدُهُمَا الْمَفْرُوضُ لَهَا، وَالْآخَرُ غَيْرُ الْمَفْرُوضِ لَهَا‏.‏ فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَلَا وَجْهَ لِأَنْ يُقَالُ‏:‏ لَا سَبِيلَ لَهُنَّ عَلَيْكُمْ فِي صَدَاقٍ، إِذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْنَا‏.‏

وَقَدْ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ أَيْضًا وَجْهًا آخَرَ‏:‏ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ‏:‏ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمِ النِّسَاءَ مَا لَمْ تُمَاسُّوهُنَّ، فِي أَيِّ وَقْتٍ شِئْتُمْ طَلَاقَهُنَّ‏.‏ لِأَنَّهُ لَا سُنَّةَ فِي طَلَاقِهِنَّ، فَلِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَهُنَّ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَسَّهُنَّ، حَائِضًا وَطَاهِرًا فِي كُلِّ وَقْتٍ أَحَبَّ‏.‏ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا الَّتِي قَدْ مُسَّتْ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لِزَوْجِهَا طَلَاقُهَا إِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْأَقْرَاءِ- إِلَّا لِلْعِدَّةِ طَاهِرًا فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْ فِيهِ‏.‏ فَيَكُونُ “الْجُنَاحُ “ الَّذِي أُسْقِطَ عَنْ مُطَلِّقِ الَّتِي لَمْ يَمَسَّهَا فِي حَالِ حَيْضِهَا، هُوَ “الْجُنَاحُ “ الَّذِي كَانَ بِهِ مَأْخُوذًا الْمُطَلِّقُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا فِي حَالِ حَيْضِهَا، أَوْ فِي طُهْرٍ قَدْ جَامَعَهَا فِيهِ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏237‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَهَذَا الْحُكْمُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، إِبَانَةٌ عَنْ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً‏}‏‏.‏ وَتَأْوِيلُ ذَلِكَ‏:‏ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تُمَاسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً، فَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ نِصْفُ مَا كُنْتُمْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ مِنْ قَبْلِ طَلَاقِكُمْ إِيَّاهُنَّ، يَعْنِي بِذَلِكَ‏:‏ فَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ نِصْفُ مَا أَصْدَقْتُمُوهُنَّ‏.‏

وَإِنَّمَا قُلْنَا‏:‏ إِنَّ تَأْوِيلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، لِمَا قَدْ قَدَّمْنَا الْبَيَانَ عَنْهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ‏:‏ “أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً“، بَيَانٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِعِبَادِهِ حُكْمَ غَيْرِ الْمَفْرُوضِ لَهُنَّ إِذَا طَلَّقَهُنَّ قَبْلَ الْمَسِيسِ‏.‏ فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ اللَّوَاتِي عَطَفَ عَلَيْهِنَّ بـ “أَوْ“، غَيْرُ حُكْمِ الْمَعْطُوفِ بِهِنَّ بِهَا‏.‏

وَإِنَّمَا كَرَّرَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً‏}‏، وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُنَّ فِي قَوْلِهِ‏:‏ “لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمِ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ “ لِيَزُولَ الشَّكُّ عَنْ سَامِعِيهِ وَاللَّبْسُ عَلَيْهِمْ، مِنْ أَنْ يَظُنُّوا أَنَّ الَّتِي حُكْمُهَا الْحُكْمُ الَّذِي وَصَفَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، هِيَ غَيْرُ الَّتِي ابْتَدَأَ بِذِكْرِهَا وَذِكْرِ حُكْمِهَا فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏، فَإِنَّهُ يَعْنِي‏:‏ إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ اللَّوَاتِي وَجَبَ لَهُنَّ عَلَيْكُمْ نِصْفُ تِلْكَ الْفَرِيضَةِ، فَيَتْرُكْنَهُ لَكُمْ، وَيَصْفَحْنَ لَكُمْ عَنْهُ تَفَضُّلًا مِنْهُنَّ بِذَلِكَ عَلَيْكُمْ، إِنْ كُنَّ مِمَّنْ يَجُوزُ حُكْمُهُ فِي مَالِهِ وَهُنَّ بِوَالِغُ رَشِيدَاتٌ، فَيَجُوزُ عَفْوهُنَّ حِينَئِذٍ مَا عَفَوْنَ عَنْكُمْ مِنْ ذَلِكَ، فَيَسْقُطُ عَنْكُمْ مَا كُنَّ عَفَوْنَ لَكُمْ عَنْهُ مِنْهُ‏.‏ وَذَلِكَ النِّصْفُ الَّذِي كَانَ وَجَبَ لَهُنَّ مِنَ الْفَرِيضَةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَقَبْلَ الْعَفْوُ إِنْ عَفَتْ عَنْهُ- أَوْ مَا عَفَتْ عَنْهُ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ‏}‏ ‏;‏ فَهَذَا الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَقَدْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَمَسَّهَا، فَلَهَا نِصْفُ صَدَاقِهَا، لَيْسَ لَهَا أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ إِنْ طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَقَدْ فَرَضَ لَهَا، فَنِصْفُ مَا فَرَضَ، إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ‏}‏، فَنَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مَا كَانَ قَبْلَهَا، إِذَا كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَقَدْ كَانَ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا، فَجَعَلَ لَهَا النِّصْفَ وَلَا مَتَاعَ لَهَ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُوَ الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَقَدْ فَرَضَ لَهَا صَدَاقًا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَلَهَا نِصْفُ مَا فَرَضَ لَهَا، وَلَهَا الْمَتَاعُ، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَقَدْ فَرَضَ لَهَا وَلَمْ يَمَسَّهَا، فَلَهَا نِصْفُ صَدَاقِهَا وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏ الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنَ التَّأْوِيلِ‏:‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ‏:‏ أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ يَقُولُ‏:‏ إِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا، فَنِصْفُ الْفَرِيضَةِ لَهَا عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ تَعْفُوَ عَنْهُ فَتَتْرُكَهُ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ “إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ“، قَالَ‏:‏ الْمَرْأَةُ تَتْرُكُ الَّذِي لَهَ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏، هِيَ الْمَرْأَةُ الثَّيِّبُ أَوِ الْبِكْرُ يُزَوِّجُهَا غَيْرُ أَبِيهَا، فَجَعَلَ اللَّهُ الْعَفْوَ إِلَيْهِنَّ‏:‏ إِنْ شِئْنَ عَفَوْنَ فَتَرَكْنَ، وَإِنْ شِئْنَ أَخَذْنَ نِصْفَ الصَّدَاقِ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏، تَتْرُكُ الْمَرْأَةُ شَطْرَ صَدَاقِهَا، وَهُوَ الَّذِي لَهَا كُلُّهُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ “‏}‏، قَالَ‏:‏ الْمَرْأَةُ تَدَعُ لِزَوْجِهَا النِّصْفَ‏.‏

حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ شُرَيْحٍ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏، قَالَ‏:‏ إِنْ شَاءَتِ الْمَرْأَةُ عَفَتْ فَتَرَكَتِ الصَّدَاقَ‏.‏

حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ شُرَيْحٍ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏، هِيَ الْمَرْأَةُ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَتَعْفُو عَنِ النِّصْفِ لِزَوْجِهَ‏.‏

حَدَّثَنِي مُوسَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيّ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏، إِمَّا أَنْ “يَعْفُونَ“، فَالثَّيِّبُ أَنْ تَدَعَ مِنْ صَدَاقِهَا، أَوْ تَدَعَهُ كُلَّهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏، قَالَ‏:‏ الْعَفْوُ إِلَيْهِنَّ، إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ ثَيِّبًا فَهِيَ أَوْلَى بِذَلِكَ، وَلَا يَمْلِكُ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَلِيٌّ، لِأَنَّهَا قَدْ مَلَكَتْ أَمْرَهَا‏.‏ فَإِنْ أَرَادَتْ أَنْ تَعْفُوَ فَتَضَعَ لَهُ نِصْفَهَا الَّذِي عَلَيْهِ مِنْ حَقِّهَا، جَازَ ذَلِكَ‏.‏ وَإِنْ أَرَادَتْ أَخْذَهُ، فَهِيَ أَمْلَكُ بِذَلِكَ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ‏:‏ وَحَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏، قَالَ‏:‏ النِّسَاءُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏، قَالَ‏:‏ الثَّيِّبُ تَدَعُ صَدَاقَهَ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أُسَامَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ شُرَيْحٍ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏، قَالَ‏:‏ تَعْفُو الْمَرْأَةُ عَنِ الَّذِي لَهَا كُلَّهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَقُولُ‏:‏ “حَمَّادُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أُسَامَةَ“، إِلَّا أَبَا هِشَامٍ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ‏:‏ إِنْ شَاءَتْ عَفَتْ عَنْ صَدَاقِهَا يَعْنِي فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ‏:‏ تَعْفُو الْمَرْأَةُ وَتَدَعُ نِصْفَ الصَّدَاقِ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ‏:‏ قَالَ الزُّهْرِيُّ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏، الثَّيِّبَاتُ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ‏:‏ قَالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏، قَالَ‏:‏ تَتْرُكُ الْمَرْأَةُ شَطْرَهَ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏، يَعْنِي النِّسَاءَ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏، إِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا عَفَتْ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏، يَعْنِي الْمَرْأَةَ‏.‏

حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زَيْدٌ وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَامِهْرَانُ جَمِيعًا، عَنْ سُفْيَانَ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏، قَالَ‏:‏ الْمَرْأَةُ إِذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا‏:‏ أَنْ تَتْرُكَ لَهُ الْمَهْرَ، فَلَا تَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏237‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيمَنْ عَنَى اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ‏:‏ “الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ“‏.‏

فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ هُوَ وَلِيُّ الْبِكْرِ‏.‏ وَقَالُوا‏:‏ وَمَعْنَى الْآيَةِ‏:‏ أَوْ يَتْرُكَ، الَّذِي يَلِي عَلَى الْمَرْأَةِ عَقْدَ نِكَاحِهَا مِنْ أَوْلِيَائِهَا، لِلزَّوْجِ النِّصْفَ الَّذِي وَجَبَ لِلْمُطَلَّقَةِ عَلَيْهِ قَبْلَ مَسِيسِهِ فَيَصْفَحَ لَهُ عَنْهُ، إِنْ كَانَتِ الْجَارِيَةُ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهَا أَمْرٌ فِي مَالِهَا‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ‏:‏ أَذِنَ اللَّهُ فِي الْعَفْوِ وَأَمَرَ بِهِ، فَإِنْ عَفَتْ فَكَمَا عَفَتْ، وَإِنْ ضَنَّتْ وَعَفَا وَلِيُّهَا جَازَ وَإِنْ أَبَتْ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، وَهُوَ أَبُو الْجَارِيَةِ الْبِكْرِ، جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْعَفْوَ إِلَيْهِ، لَيْسَ لَهَا مَعَهُ أَمْرٌ إِذَا طُلِّقَتْ، مَا كَانَتْ فِي حِجْرِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا أبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ‏:‏ ‏{‏الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، الْوَلِيُّ‏.‏

حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ قَالَ عَلْقَمَةُ‏:‏ هُوَ الْوَلِيُّ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ هُوَ الْوَلِيُّ‏.‏

حَدَّثَنَا أبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ‏:‏ هُوَ الْوَلِيُّ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ بَيَانٍ النَّحْوِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ وَأَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ قَالُوا‏:‏ هُوَ الْوَلِيُّ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ هُوَ الْوَلِيُّ‏.‏

حَدَّثَنَا أبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، أَنَّ الْأَسْوَدَ بْنَ زَيْدٍ، قَالَ‏:‏ هُوَ الْوَلِيُّ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ قَالَ‏:‏ قَالَ طَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ‏:‏ هُوَ الْوَلِيُّ ثُمَّ رَجَعَا فَقَالَا هُوَ الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ قَالَ‏:‏ قَالَ مُجَاهِدٌ وَطَاوُسٌ‏:‏ هُوَ الْوَلِيُّ ثُمَّ رَجَعَا فَقَالَا هُوَ الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ‏:‏ هُوَ الْوَلِيُّ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ‏:‏ زَوَّجَ رَجُلٌ أُخْتَهُ، فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَعَفَا أَخُوهَا عَنِ الْمَهْرِ، فَأَجَازَهُ شُرَيْحٌ ثُمَّ قَالَ‏:‏ أَنَا أَعْفُو عَنْ نِسَاءِ بَنِي مُرَّةَ‏.‏ فَقَالَ عَامِرٌ‏:‏ لَا وَاللَّهِ، مَا قَضَى قَضَاءً قَطُّ أَحْمَقَ مِنْهُ‏:‏ أَنْ يُجِيزَ عَفْوَ الْأَخِ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، فَقَالَ فِيهَا شُرَيْحٌ بَعْدُ‏:‏ هُوَ الزَّوْجُ، إِنْ عَفَا عَنِ الصَّدَاقِ كُلِّهِ فَسَلَّمَهُ إِلَيْهَا كُلَّهُ، أَوْ عَفَتْ هِيَ عَنِ النِّصْفِ الَّذِي سَمَّى لَهَا، وَإِنْ تَشَاحَّا كِلَاهُمَا أَخَذَتْ نِصْفَ صَدَاقِهَا، قَالَ‏:‏ “وَأَنْ تَعْفُو هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى“‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَاصِمٍ الْأَسَدِيُّ‏:‏ أَنْ عَلِيًّا سَأَلَ شُرَيْحًا عَنِ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، فَقَالَ‏:‏ هُوَ الْوَلِيُّ‏.‏

حَدَّثَنَا أبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ مُغِيرَةُ، أَخْبَرَنَا عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ‏:‏ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الْوَلِيُّ- ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ فَقَالَ‏:‏ هُوَ الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ‏:‏ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَوَجَدَهَا دَمِيمَةً فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَعَفَا وَلِيُّهَا عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ، قَالَ‏:‏ فَخَاصَمَتْهُ إِلَى شُرَيْحٍ فَقَالَ لَهَا شُرَيْحٌ‏:‏ قَدْ عَفَا وَلِيُّكِ‏.‏ قَالَ‏:‏ ثُمَّ إِنَّهُ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَجَعَلَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏:‏ الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ وَابْنُ الْمُثَنَّى قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ- فِي الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ- قَالَ‏:‏ الْوَلِيُّ‏.‏

حَدَّثَنَا أبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ أَوْ غَيْرِهِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ‏:‏ هُوَ الْوَلِيُّ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ‏:‏ هُوَ الْوَلِيُّ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ قَالَ‏:‏ سُئِلَ الْحَسَنُ عَنِ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، قَالَ‏:‏ هُوَ الْوَلِيُّ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ‏:‏ هُوَ الَّذِي أَنْكَحَهَا‏.‏

حَدَّثَنَا أبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، هُوَ الْوَلِيُّ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ هُوَ الْوَلِيُّ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ قَالَا‏:‏ هُوَ الْوَلِيُّ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ‏:‏ هُوَ الْوَلِيُّ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ‏:‏ ‏{‏أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، قَالَ‏:‏ وَلِيُّ الْعَذْرَاءِ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ‏:‏ قَالَ لِي الزُّهْرِيُّ‏:‏ ‏{‏أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، وَلِيُّ الْبِكْرِ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، هُوَ الْوَلِيُّ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ رَجُلٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ مَعْمَرٌ‏:‏ وَقَالَهُ الْحَسَنُ أَيْضًا قَالُوا‏:‏ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، الْوَلِيُّ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ‏:‏ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، الْأَبُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ‏:‏ هُوَ الْوَلِيُّ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ‏:‏ هُوَ الْوَلِيُّ‏.‏

حَدَّثَنِي مُوسَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ‏:‏ ‏{‏الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، هُوَ وَلِيُّ الْبِكْرِ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ- فِي الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ-‏:‏ الْوَالِدُ، ذَكَرَهُ ابْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدٍ وَرَبِيعَةَ‏:‏ ‏{‏الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، الْأَبُ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ، وَالسَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ‏:‏ قَالَ مَالِكٌ‏:‏ وَذَلِكَ إِذَا طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا، فَلَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ الَّذِي وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ، مَا لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ‏.‏‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أبُو صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ‏:‏ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، هِيَ الْبِكْرُ الَّتِي يَعْفُو وَلِيُّهَا، فَيَجُوزُ ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ عَفْوُهَا هِيَ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ يَقُولُ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏، أَنْ تَعْفُوَ الْمَرْأَةُ عَنْ نِصْفِ الْفَرِيضَةِ لَهَا عَلَيْهِ فَتَتْرُكَهُ‏.‏ فَإِنْ هِيَ شَحَّتْ إِلَّا أَنْ تَأْخُذَهُ، فَلَهَا وَلِوَلِيِّهَا الَّذِي أَنْكَحَهَا الرَّجُلَ، عَمٍّ، أَوْ أَخٍ، أَوْ أَبٍ، أَنْ يَعْفُوَ عَنِ النِّصْفِ، فَإِنَّهُ إِنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ كَرِهَتِ الْمَرْأَةُ‏.‏

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ الرَّازِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ‏:‏ أَذِنَ اللَّهُ فِي الْعَفْوِ وَأَمَرَ بِهِ، فَإِنِ امْرَأَةٌ عَفَتْ جَازَ عَفْوُهَا، وَإِنْ شَحَّتْ وَضَنَّتْ عَفَا وَلِيُّهَا وَجَازَ عَفْوُهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، الْوَلِيُّ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلِ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، الزَّوْجُ‏.‏ قَالُوا‏:‏ وَمَعْنَى ذَلِكَ‏:‏ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ نِكَاحُ الْمَرْأَةِ فَيُعْطِيَهَا الصَّدَاقَ كَامِلًا‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَثْمَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَبِيبٌ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ‏:‏ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَاصِمٍ الْأَسَدِيِّ‏:‏ أَنْ عَلِيًّا سَأَلَ شُرَيْحًا عَنِ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ فَقَالَ‏:‏ هُوَ الْوَلِيُّ‏.‏ فَقَالَ عَلِيٌّ‏:‏ لَا وَلَكِنَّهُ الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ عِيسَى بْنِ عَاصِمٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ شُرَيْحًا قَالَ‏:‏ قَالَ‏:‏ قَالَ لِي عَلِيٌّ‏:‏ مَنِ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏؟‏ قُلْتُ‏:‏ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ‏.‏ قَالَ‏:‏ لَا بَلْ هُوَ الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ هُوَ الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أبُو نُعَيْمٍ قَالَ‏:‏ قُلْتُ لِحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ‏:‏ مَنِ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏؟‏ فَذَكَرَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ هُوَ الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَشُرَيْحٍ قَالَا‏:‏ هُوَ الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ وَاصِلِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ‏:‏ أَنَّ أَبَاهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَأَرْسَلَ بِالصَّدَاقِ وَقَالَ‏:‏ أَنَا أَحَقُّ بِالْعَفْوِ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ‏:‏ أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا، وَأَكْمَلَ لَهَا الصَّدَاقَ، وَتَأَوَّلَ‏:‏ ‏{‏أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ جُبَيْرٍ‏:‏ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَأَتَمَّ لَهَا الصَّدَاقَ وَقَالَ‏:‏ أَنَا أَحَقُّ بِالْعَفْوِ‏.‏

حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ شُرَيْحٍ‏:‏ “أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ“، قَالَ‏:‏ إِنْ شَاءَ الزَّوْجُ أَعْطَاهَا الصَّدَاقَ كَامِلًا‏.‏

حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ بِنَحْوِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ‏:‏ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ عَامِرٍ‏:‏ أَنْ شُرَيْحًا قَالَ‏:‏ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، الزَّوْجُ‏.‏ فَرَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ‏.‏

حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ‏:‏ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، هُوَ الزَّوْجُ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ‏:‏ وَمَا يُدْرِي شُرَيْحًا‏!‏

حَدَّثَنَا أبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ‏:‏ هُوَ الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنَا أبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ‏:‏ هُوَ الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أُسَامَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ شُرَيْحٍ‏:‏ ‏{‏أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، وَهُوَ الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ‏:‏ ‏{‏الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، قَالَ‏:‏ الزَّوْجُ يُتِمُّ لَهَا الصَّدَاقَ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَعَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ شُرَيْحٍ، وَعَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ‏:‏ هُوَ الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ‏:‏ هُوَ الزَّوْجُ، إِنْ شَاءَ أَتَمَّ لَهَا الصَّدَاقَ، وَإِنْ شَاءَتْ عَفَتْ عَنِ الَّذِي لَهَ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ‏:‏ قَالَ شُرَيْحٌ‏:‏ ‏{‏الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ شُرَيْحٍ‏:‏ “أَنْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ“، قَالَ‏:‏ إِنْ شَاءَ الزَّوْجُ عَفَا فَكَمَّلَ الصَّدَاقَ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ‏:‏ هُوَ الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ وَابْنُ الْمُثَنَّى قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ‏:‏ ‏{‏الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُوَ الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ‏:‏ ‏{‏أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، قَالَ‏:‏ هُوَ الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ مُهْدِىٍّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ‏:‏ هُوَ الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ‏:‏ الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شِبْلٌ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، زَوْجُهَا‏:‏ أَنْ يُتِمَّ لَهَا الصَّدَاقَ كَامِلً‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ وَعَنْ أَيُّوبَ، وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالُوا‏:‏ ‏{‏الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ‏:‏ قَالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ “الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ“، الزَّوْجُ “أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ“، إِتْمَامُ الزَّوْجِ الصَّدَاقَ كُلَّهُ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ‏:‏ ‏{‏الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ‏:‏ ‏{‏الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، هُوَ الزَّوْجُ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَطَاوُسٌ‏:‏ هُوَ الْوَلِيُّ‏.‏ قَالَ‏:‏ قُلْتُ لِسَعِيدٍ‏:‏ فَإِنَّ مُجَاهِدًا وَطَاوُسًا يَقُولَانِ‏:‏ هُوَ الْوَلِيُّ‏؟‏ قَالَ سَعِيدٌ‏:‏ “فَمَا تَأْمُرُنِي إِذًا‏؟‏ “ قَالَ‏:‏ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ الْوَلِيَّ عَفَا وَأَبَتِ الْمَرْأَةُ، أَكَانَ يَجُوزُ ذَلِكَ‏؟‏ فَرَجَعْتُ إِلَيْهِمَا فَحَدَّثْتُهُمَا، فَرَجَعَا عَنْ قَوْلِهِمَا وَتَابَعَا سَعِيدًا‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدٍ قَالَ‏:‏ هُوَ الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدٍ قَالَ‏:‏ هُوَ الزَّوْجُ وَقَالَ طَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ‏:‏ هُوَ الْوَلِيُّ- فَكَلَّمْتُهُمَا فِي ذَلِكَ حَتَّى تَابَعَا سَعِيدًا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ بِنَحْوِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، يَعْنِي زَيْدَ بْنَ الْحُبَابِ، عَنْ أَفْلَحَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ قَالَ‏:‏ هُوَ الزَّوْجُ، أَعْطَى مَا عِنْدَهُ عَفْوًا‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ‏:‏ هُوَ الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ‏:‏ ‏{‏الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، الزَّوْجُ- ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، قَالَ‏:‏ أَمَّا قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏، فَهِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا‏.‏ فَإِمَّا أَنْ تَعْفُوَ عَنِ النِّصْفِ لِزَوْجِهَا، وَأَمَّا أَنْ يَعْفُوَ الزَّوْجُ فَيُكْمِلُ لَهَا صَدَاقَهَ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ‏:‏ ‏{‏الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ‏:‏ كَانَ شُرَيْحٌ يُجَاثِيهِمْ عَلَى الرُّكَبِ وَيَقُولُ‏:‏ هُوَ الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏(‏الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ“، الزَّوْجُ، يَعْفُو أَوْ تَعْفُو‏)‏‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ الْفَضْلَ بْنَ خَالِدٍ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، قَالَ‏:‏ الزَّوْجُ، وَهَذَا فِي الْمَرْأَةِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا، فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ، فَإِنْ شَاءَتْ تَرَكَتِ الَّذِي لَهَا وَهُوَ النِّصْفُ، وَإِنْ شَاءَتْ قَبَضَتْهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَامِهْرَانُ، وَحَدَّثَنِي عَلِيٌّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زَيْدٌ جَمِيعًا، عَنْ سُفْيَانَ‏:‏ ‏{‏أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنَ هَارُونَ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ‏:‏ ‏{‏الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، الزَّوْجُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرْقِيِّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ تَفْسِيرَ هَذِهِ الْآيَةِ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏، النِّسَاءُ، فَلَا يَأْخُذْنَ شَيْئًا “أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ“، الزَّوْجُ، فَيَتْرُكُ ذَلِكَ فَلَا يَطْلُبُ شَيْئً‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ‏:‏ قَالَ شُرَيْحٌ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏، قَالَ‏:‏ يَعْفُو النِّسَاءُ “أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ“، الزَّوْجُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ‏:‏ الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، الزَّوْجُ‏.‏ وَذَلِكَ لِإِجْمَاعِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ وَلِيَّ جَارِيَةٍ بِكْرٍ أَوْ ثَيِّبٍ، صَبِيَّةٍ صَغِيرَةٍ كَانَتْ أَوْ مُدْرِكَةٍ كَبِيرَةٍ، لَوْ أَبْرَأَ زَوْجَهَا مِنْ مَهْرِهَا قَبْلَ طَلَاقِهِ إِيَّاهَا، أَوْ وَهَبَهُ لَهُ أَوْ عَفَا لَهُ عَنْهُ- أَنَّ إِبْرَاءَهُ ذَلِكَ وَعَفْوَهُ لَهُ عَنْهُ بَاطِلٌ، وَأَنَّ صَدَاقَهَا عَلَيْهِ ثَابِتٌ ثُبُوتَهُ قَبْلَ إِبْرَائِهِ إِيَّاهُ مِنْهُ‏.‏ فَكَانَ سَبِيلُ مَا أَبْرَأَهُ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ طَلَاقِهِ إِيَّاهَا، سَبِيلَ مَا أَبْرَأَهُ مِنْهُ قَبْلَ طَلَاقِهِ إِيَّاهَا‏.‏

وَأُخْرَى‏:‏ أَنَّ الْجَمِيعَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنْ وَلِيَّ امْرَأَةٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا أَوْ غَيْرِ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا، لَوْ وَهَبَ لِزَوْجِهَا الْمُطَلِّقِهَا بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا مِنْهُ دِرْهَمًا مِنْ مَالِهَا، عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْعَفْوِ مِنْهُ عَمَّا وَجَبَ لَهَا مِنْ صَدَاقِهَا قَبْلَهُ، أَنَّ هِبَتَهُ مَا وَهَبَ مِنْ ذَلِكَ مَرْدُودَةٌ بَاطِلَةٌ‏.‏ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ صَدَاقَهَا مَالٌ مِنْ مَالِهَا، فَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ أَمْوَالِهَا‏.‏

وَأُخْرَى‏:‏ أَنَّ الْجَمِيعَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ بَنِي أَعْمَامِ الْمَرْأَةِ الْبِكْرِ وَبَنِي إِخْوَتِهَا مِنْ أَبِيهَا وَأُمِّهَا مِنْ أَوْلِيَائِهَا، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ لَوْ عَفَا عَنْ مَالِهَا ‏[‏لِزَوْجِهَا، قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا‏]‏ أَوْ بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا-‏:‏ إِنَّ عَفْوَهُ ذَلِكَ عَمَّا عَفَا لَهُ عَنْهُ مِنْهُ بَاطِلٌ، وَإِنَّ حَقَّ الْمَرْأَةِ ثَابِتٌ عَلَيْهِ بِحَالِهِ‏.‏ فَكَذَلِكَ سَبِيلُ عَفْوِ كُلِّ وَلِيٍّ لَهَا كَائِنًا مَنْ كَانَ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ، وَالِدًا كَانَ أَوْ جَدًّا أَوْ خَالًا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ لَمْ يَخْصُصْ بَعْضَ الَّذِينَ بِأَيْدِيهِمْ عَقْدُ النِّكَاحِ دُونَ بَعْضٍ فِي جَوَازِ عَفْوِهِ، إِذَا كَانُوا مِمَّنْ يَجُوزُ حُكْمُهُ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ‏.‏

وَيُقَالُ لِمَنْ أَبَى مَا قُلْنَا مِمَّنْ زَعَمَ أَنَّ “الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ“، وَلِيُّ الْمَرْأَةِ‏:‏ هَلْ يَخْلُو الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ، إِذْ كَانَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الْوَلِيُّ عِنْدَكَ‏:‏ إِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كُلَّ وَلِيٍّ جَازَ لَهُ تَزْوِيجُ وَلِيَّتِهِ، أَوْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْضٍ‏؟‏ فَلَنْ يَجِدَ إِلَى الْخُرُوجِ مِنْ أَحَدِ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ سَبِيلًا‏.‏

فَإِنْ قَالَ‏:‏ إِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ‏.‏

قِيلَ لَهُ‏:‏ فَأَيُّ ذَلِكَ عُنِيَ بِهِ‏؟‏

فَإِنْ قَالَ‏:‏ لِكُلِّ وَلِيٍّ جَازَ لَهُ تَزْوِيجُ وَلِيَّتِهِ‏.‏

قِيلَ لَهُ‏:‏ أَفَجَائِزٌ لِلْمُعْتِقِ أَمَةً تَزْوِيجُ مَوْلَاتِهِ بِإِذْنِهَا بَعْدَ عِتْقِهِ إِيَّاهَا‏؟‏

فَإِنْ قَالَ نَعَمْ‏!‏

قِيلَ لَهُ‏:‏ أَفَجَائِزٌ عَفْوُهُ إِنْ عَفَا عَنْ صَدَاقِهَا لِزَوْجِهَا بَعْدَ طَلَاقِهِ إِيَّاهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ‏؟‏

فَإِنْ قَالَ‏:‏ نَعَمْ خَرَجَ مِنْ قَوْلِ الْجَمِيعِ‏.‏ وَإِنْ قَالَ‏:‏ لَا‏!‏ قِيلَ لَهُ‏:‏ وَلِمَ‏؟‏ وَمَا الَّذِي حَظَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَهُوَ وَلِيُّهَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ نِكَاحِهَا‏؟‏

ثُمَّ يُعْكَسُ الْقَوْلُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَيُسْأَلُ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَفْوِ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ غَيْرَهُ‏.‏

وَإِنْ قَالَ‏:‏ لِبَعْضٍ دُونِ بَعْضٍ‏.‏

سُئِلَ الْبُرْهَانَ عَلَى خُصُوصِ ذَلِكَ، وَقَدْ عَمَّهُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ فَلَمْ يَخْصُصْ بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ‏.‏

وَيُقَالُ لَهُ‏:‏ مَنِ الْمَعْنِيُّ بِهِ، إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ بَعْضَ الْأَوْلِيَاءِ دُونَ بَعْضٍ‏؟‏

فَإِنْ أَوْمَأَ فِي ذَلِكَ إِلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ، سُئِلَ الْبُرْهَانَ عَلَيْهِ، وَعُكِسَ الْقَوْلُ فِيهِ، وَعُورِضَ فِي قَوْلِهِ ذَلِكَ بِخِلَافِ دَعْوَاهُ‏.‏ ثُمَّ لَنْ يَقُولَ فِي ذَلِكَ قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَرِ مِثْلُهُ‏.‏

فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا فَارَقَهَا زَوْجُهَا فَقَدْ بَطَلَ أَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ عُقْدَةُ نِكَاحِهَا، وَاللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِنَّمَا أَجَازَ عَفْوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ نِكَاحِ الْمُطَلَّقَةِ، فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ الزَّوْجَ غَيْرُ مَعْنِيٍّ بِهِ، وَأَنَّ الْمَعْنِيَّ بِهِ هُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ نِكَاحِ الْمُطَلَّقَةِ بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا مِنْ زَوْجِهَا‏.‏ وَفِي بُطُولِ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ حِينَئِذٍ بِيَدِ الزَّوْجِ، صِحَّةُ الْقَوْلِ أَنَّهُ بِيَدِ الْوَلِيِّ الَّذِي إِلَيْهِ عَقْدُ النِّكَاحِ إِلَيْهَا‏.‏ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، صَحَّ الْقَوْلُ بِأَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الْوَلِيُّ فَقَدْ أَغْفَلَ وَظَنَّ خَطَأً‏.‏

وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ‏:‏ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ نِكَاحِهِ، وَإِنَّمَا أُدْخِلَتْ “الْأَلِفُ وَاللَّامُ “ فِي “النِّكَاحِ “ بَدَلًا مِنَ الإِضَافَةِ إِلَى “الْهَاءِ “ الَّتِي كَانَ “النِّكَاحُ “- لَوْ لَمْ يَكُونَا فِيهِ مُضَافًا إِلَيْهَا، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ ‏{‏فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى‏}‏ ‏[‏سُورَةُ النَّازِعَاتِ‏:‏ 41‏]‏، بِمَعْنَى‏:‏ فَإِنَّ الْجَنَّةَ مَأْوَاهُ، وَكَمَا قَالَ نَابِغَةُ بَنِي ذُبْيَانَ‏:‏

لَهُـمْ شِـيمَةٌ لَـمْ يُعْطِهَـا اللَّـهُ غَيْرَهُمْ *** مِـنَ النَّـاسِ، فَـالْأَحْلَامُ غَيْرُ عَوَازِبِ

بِمَعْنَى‏:‏ فَأَحْلَامُهُمْ غَيْرُ عَوَازِبٍ‏.‏ وَالشَّوَاهِدُ عَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى‏.‏

فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ‏:‏ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، وَهُوَ الزَّوْجُ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ نِكَاحِ نَفْسِهِ فِي كُلِّ حَالٍ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّ مَعْنَاهُ‏:‏ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ نِكَاحِهِنَّ، فَيَكُونُ تَأْوِيلُ الْكَلَامِ مَا ظَنَّهُ الْقَائِلُونَ أَنَّهُ الْوَلِيُّ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ‏.‏ لِأَنَّ وَلِيَّ الْمَرْأَةِ لَا يَمْلِكُ عُقْدَةَ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِهَا، إِلَّا فِي حَالِ طُفُولَتِهَا، وَتِلْكَ حَالٌ لَا يَمْلِكُ الْعَقْدَ عَلَيْهَا إِلَّا بَعْضُ أَوْلِيَائِهَا، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ مَنْ رَأَى أَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الْوَلِيُّ‏.‏ وَلَمْ يَخْصُصِ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏ بَعْضًا مِنْهُمْ، فَيَجُوزُ تَوْجِيهُ التَّأْوِيلِ إِلَى مَا تَأَوَّلُوهُ، لَوْ كَانَ لَمَا قَالُوا فِي ذَلِكَ وَجْهٌ‏.‏

وَبَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِنَّمَا كَنَّى بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏ عَنْ ذِكْرِ النِّسَاءِ اللَّاتِي قَدْ جَرَى ذِكْرُهُنَّ فِي الْآيَةِ قَبْلَهَا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ‏}‏، وَالصَّبَايَا لَا يُسَمَّيْنَ “نِسَاءً“، وَإِنَّمَا يُسَمَّيْنَ صَبَايَا أَوْ جِوَارِي، وَإِنَّمَا “النِّسَاءُ “ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَجْمَعَ، اسْمُ الْمَرْأَةِ، وَلَا تَقُولُ الْعَرَبُ لِلطِّفْلَةِ وَالصَّبِيَّةِ وَالصَّغِيرَةِ “امْرَأَةٌ“، كَمَا لَا تَقُولُ لِلصَّبِيِّ الصَّغِيرِ “رَجُلٌ“‏.‏

وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏، عِنْدَ الزَّاعِمِينَ أَنَّهُ الْوَلِيُّ إِنَّمَا هُوَ‏:‏ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ عَمَّا وَجَبَ لِوَلِيَّتِهِ الَّتِي تَسْتَحِقُّ أَنْ يُوَلِّي عَلَيْهَا مَالَهَا إِمَّا الصِّغَرُ وَإِمَّا السَّفَهُ، وَاللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِنَّمَا اقْتَصَّ فِي الْآيَتَيْنِ قَصَصَ النِّسَاءِ الْمُطَلَّقَاتِ لِعُمُومِ الذِّكْرِ دُونَ خُصُوصِهِ، وَجَعَلَ لَهُنَّ الْعَفْوَ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏ كَانَ مَعْلُومًا بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ‏}‏، أَنَّ الْمَعْنِيَّاتِ مِنْهُنَّ بِالْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرَهُنَّ فِيهِمَا جَمِيعُهُنَّ دُونَ بَعْضٍ، إِذْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ عَفْوَ مَنْ تَوَلَّى عَلَيْهِ مَالَهُ مِنْهُنَّ بَاطِلٌ‏.‏

وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَبَيِّنٌ أَنَّ التَّأْوِيلَ فِي قَوْلِهِ‏:‏ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ نِكَاحِهِنَّ، يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ لِأَوْلِيَاءِ الثَّيِّبَاتِ الرُّشَّدِ الْبَوَالِغِ، مِنَ الْعَفْوِ عَمَّا وُهِبَ لَهُنَّ مِنَ الصَّدَاقِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ، مِثْلُ الَّذِي لِأَوْلِيَاءَ الْأَطْفَالِ الصِّغَارِ الْمُولِّي عَلَيْهِنَّ أَمْوَالَهُنَّ السَّفَهُ‏.‏ وَفِي إِنْكَارِ الْقَائِلِينَ‏:‏ “إِنَّ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الْوَلِيُّ“، عَفْوُ أَوْلِيَاءِ الثَّيِّبَاتِ الرُّشَّدِ الْبَوَالِغِ عَلَى مَا وَصَفْنَا، وَتَفْرِيقُهُمْ بَيْنَ أَحْكَامِهِمْ وَأَحْكَامِ أَوْلِيَاءِ الْأُخَرِ- مَا أَبَانَ عَنْ فَسَادِ تَأْوِيلِهِمُ الَّذِي تَأَوَّلُوهُ فِي ذَلِكَ‏.‏

وَيَسْأَلُ الْقَائِلُونَ بِقَوْلِهِمْ فِي ذَلِكَ، الْفَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ مِنْ أَصْلٍ أَوْ نَظِيرٍ، فَلَنْ يَقُولُوا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمُوا فِي خِلَافِهِ مِثْلَهُ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏237‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيمَنْ خُوطِبَ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى‏}‏‏.‏

فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ خُوطِبَ بِذَلِكَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى‏}‏، قَالَ‏:‏ أَقْرَبُهُمَا لِلتَّقْوَى الَّذِي يَعْفُو‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرْقِيِّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ تَفْسِيرَ هَذِهِ الْآيَةِ‏:‏ ‏{‏وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى‏}‏، قَالَ‏:‏ يَعْفُونَ جَمِيعً‏.‏

فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ‏:‏ وَأَنْ يَعْفُوا، أَيُّهَا النَّاسُ، بَعْضُكُمْ عَمَّا وَجَبَ لَهُ قَبْلَ صَاحِبِهِ مِنَ الصَّدَاقِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ عِنْدَ الطَّلَاقِ، أَقْرَبُ لَهُ إِلَى تَقْوَى اللَّهِ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلِ الَّذِي خُوطِبُوا بِذَلِكَ أَزْوَاجُ الْمُطَلَّقَاتِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ‏:‏ ‏{‏وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى‏}‏،‏:‏ وَأَنْ يَعْفُو هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى‏.‏

فَتَأْوِيلُ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ‏:‏ وَأَنْ تُعْفُوا أَيُّهَا الْمُفَارِقُونَ أَزْوَاجَهُمْ، فَتَتْرُكُوا لَهُنَّ مَا وَجَبَ لَكُمُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَيْهِنَّ مِنَ الصَّدَاقِ الَّذِي سُقْتُمُوهُ إِلَيْهِنَّ، أَوْ تُتِمُّوا لَهُنَّ- بِإِعْطَائِكُمْ إِيَّاهُنَّ الصَّدَاقَ الَّذِي كُنْتُمْ سَمَّيْتُمْ لَهُنَّ فِي عُقْدَةِ النِّكَاحِ إِنْ لَمْ تَكُونُوا سُقْتُمُوهُ إِلَيْهِنَّ- أَقْرَبُ لَكُمْ إِلَى تَقْوَى اللَّهِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَالَّذِي هُوَ أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ عِنْدِي فِي ذَلِكَ‏.‏ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَهُوَ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ‏:‏ وَأَنْ يَعْفُو بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ أَيُّهَا الْأَزْوَاجُ وَالزَّوْجَاتُ، بَعْدَ فِرَاقِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا عَمَّا وَجَبَ لِبَعْضِكُمْ قَبْلَ بَعْضٍ، فَيَتْرُكُهُ لَهُ إِنْ كَانَ قَدْ بَقِيَ لَهُ قِبَلَهُ‏.‏ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ لَهُ، فَبِأَنْ يُوَفِّيَهُ بِتَمَامِهِ أَقْرُبُ لَكُمْ إِلَى تَقْوَى اللَّهِ‏.‏

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ وَمَا فِي الصَّفْحِ عَنْ ذَلِكَ مِنَ الْقُرْبِ مِنْ تَقْوَى اللَّهِ، فَيُقَالُ لِلصَّافِحِ الْعَافِي عَمَّا وَجَبَ لَهُ قِبَلَ صَاحِبِهِ‏:‏ فِعْلُكَ مَا فَعَلْتَ أَقْرَبُ لَكَ إِلَى تَقْوَى اللَّهِ‏؟‏ قِيلَ لَهُ‏:‏ الَّذِي فِي ذَلِكَ مِنْ قُرْبِهِ مِنْ تَقْوَى اللَّهِ، مُسَارَعَتُهُ فِي عَفْوِهِ ذَلِكَ إِلَى مَا نَدَبَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ، وَدَعَاهُ وَحَضَّهُ عَلَيْهِ‏.‏ فَكَانَ فِعْلُهُ ذَلِكَ- إِذَا فَعَلَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ، وَإِيثَارَ مَا نَدَبَهُ إِلَيْهِ عَلَى هَوَى نَفْسِهِ- مَعْلُومًا بِهِ، إِذْ كَانَ مُؤْثِرًا فِعْلَ مَا نَدَبَهُ إِلَيْهِ مِمَّا لَمْ يَفْرِضْهُ عَلَيْهِ عَلَى هَوَى نَفْسِهِ، أَنَّهُ لِمَا فَرَضَهُ عَلَيْهِ وَأَوْجَبَهُ أَشَدُّ إِيثَارًا، وَلِمَا نَهَاهُ أَشَدُّ تَجَنُّبًا‏.‏ وَذَلِكَ هُوَ قُرْبُهُ مِنَ التَّقْوَى‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏237‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَلَا تُغْفِلُوا، أَيُّهَا النَّاسُ، الْأَخْذَ بِالْفَضْلِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فَتَتْرُكُوهُ، وَلَكِنْ لِيَتَفَضَّلَ الرَّجُلُ الْمُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ قَبْلَ مَسِيسِهَا، فَيُكْمِلْ لَهَا تَمَامَ صَدَاقِهَا إِنْ كَانَ لَمْ يُعْطِهَا جَمِيعَهُ‏.‏ وَإِنْ كَانَ قَدْ سَاقَ إِلَيْهَا جَمِيعَ مَا كَانَ فَرَضَ لَهَا، فَلْيَتَفَضَّلْ عَلَيْهَا بِالْعَفْوِ عَمَّا يَجِبُ لَهُ وَيَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ نِصْفُهُ‏.‏ فَإِنْ شَحَّ الرَّجُلُ بِذَلِكَ وَأَبَى إِلَّا الرُّجُوعَ بِنِصْفِهِ عَلَيْهَا، فَلْتَتَفَضَّلِ الْمَرْأَةُ الْمُطَلَّقَةُ عَلَيْهِ بِرَدِّ جَمِيعِهِ عَلَيْهِ، إِنْ كَانَتْ قَدْ قَبَضَتْهُ مِنْهُ‏.‏ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهُ، فَتَعْفُو ‏[‏عَنْ‏]‏ جَمِيعِهِ‏.‏ فَإِنْ هُمَا لَمْ يَفْعَلَا ذَلِكَ وَشَحَّا وَتَرَكَا مَا نَدَبَهُمَا اللَّهُ إِلَيْهِ- مِنْ أَخْذِ أَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالْفَضْلِ- فَلَهَا نِصْفُ مَا كَانَ فَرَضَ لَهَا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَلَهُ نِصْفُهُ‏.‏

وَبِمَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أبُو نُعَيْمٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرٍ‏:‏ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَعَرَضَ عَلَيْهِ ابْنَةً لَهُ فَتَزَوَّجَهَا، فَلَمَّا خَرَجَ طَلَّقَهَا وَبَعَثَ إِلَيْهَا بِالصَّدَاقِ‏.‏ قَالَ‏:‏ قِيلَ لَهُ‏:‏ فَلِمَ تَزَوَّجْتَهَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ عَرَضَهَا عَلَيَّ فَكَرِهْتُ رَدَّهَا‏!‏ قِيلَ‏:‏ فَلِمَ تَبْعَثُ بِالصَّدَاقِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ فَأَيْنَ الْفَضْلُ‏؟‏

حَدَّثَنَا أبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ‏}‏‏.‏ قَالَ‏:‏ إِتْمَامُ الزَّوْجِ الصَّدَاقَ، أَوْ تَرْكُ الْمَرْأَةِ الشَّطْرَ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ إِتْمَامُ الصَّدَاقِ، أَوْ تَرْكُ الْمَرْأَةِ شَطْرَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ‏}‏، فِي هَذَا وُفِي غَيْرِهِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ يَقُولُ لِيَتَعَاطَفَا‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ‏}‏، يُرَغِّبُكُمُ اللَّهُ فِي الْمَعْرُوفِ، وَيَحُثُّكُمْ عَلَى الْفَضْلِ‏.‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ الْمَرْأَةُ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ‏.‏ فَأَمَرَ اللَّهُ أَنْ يَتْرُكَ لَهَا نَصِيبَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُتِمَّ الْمَهْرَ كَامِلًا‏.‏ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنِي مُوسَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ‏}‏، حَضَّ كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى الصِّلَةِ- يَعْنِي الزَّوْجَ وَالْمَرْأَةَ، عَلَى الصِّلَةِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ‏:‏ أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ‏}‏، وَذَلِكَ الْفَضْلُ هُوَ النِّصْفُ مِنَ الصَّدَاقِ، وَأَنْ تَعْفُو عَنْهُ الْمَرْأَةُ لِلزَّوْجِ أَوْ يَعْفُو عَنْهُ وَلِيُّهَا‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ يُعْفَى عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَامِهْرَانُ وَحَدَّثَنِي عَلِيٌّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زَيْدٌ جَمِيعًا، عَنْ سُفْيَانَ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ حَثَّ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي هَذَا وَفِي غَيْرِهِ، حَتَّى فِي عَفْوِ الْمَرْأَةِ عَنِ الصَّدَاقِ، وَالزَّوْجِ بِالْإِتْمَامِ‏.‏

حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ الْمَعْرُوفَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرْقِيِّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ سَعِيدٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ تَفْسِيرَ هَذِهِ الْآيَةِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ لَا تَنْسَوْا الْإِحْسَانَ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏237‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ‏}‏ ‏[‏237‏]‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ‏:‏ “إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ“، أَيُّهَا النَّاسُ، مِمَّا نَدَبَكُمْ إِلَيْهِ وَحَضَّكُمْ عَلَيْهِ، مِنْ عَفْوِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ عَمَّا وَجَبَ لَهُ قِبَلَهُ مَنْ حَقٍّ بِسَبَبِ النِّكَاحِ الَّذِي كَانَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَزْوَاجِكُمْ، وَتَفَضُّلِ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي ذَلِكَ، وَفِي غَيْرِهِ مِمَّا تَأْتُونَ وَتَذَرُوَنَ مِنْ أُمُورِكُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ وَغَيْرِكُمْ مِمَّا حَثَّكُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَمَرَكُمْ بِهِ أَوْ نَهَاكُمْ عَنْهُ “بَصِيرٌ“، يَعْنِي بِذَلِكَ‏:‏ ذُو بَصَرٍ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ هُوَ يُحْصِيهِ عَلَيْكُمْ وَيَحْفَظُهُ، حَتَّى يُجَازِيَ ذَا الْإِحْسَانِ مِنْكُمْ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَذَا الْإِسَاءَةِ مِنْكُمْ عَلَى إِسَاءَتِهِ‏.‏